اقترب موعد السفر ومرت الأجازة وكأنها يوما كالعادة وبعد مرات من التأجيل والتعليل الذي أصبح بلا مبررقررت أن أبدأ في استخراج الأوراق المطلوبة من تصريح سفر وعمل وخلافه , وبالفعل حضرت الأوراق جميعها رغم أنني أعلم أنها ناقصه فالروتين هو صاحب الكلمه الأخيرة في ذلك الشك , وفي صبيحة اليوم التالي تحركت من بيتي متوجها" إلي محطة الباص التي تبعد عن بيتي مسافة ربع ساعه سيرا علي الأقدام . وصلت محطة الباص ونادي علي المنادي قبل أن أصله قائلا" (الزقازيق يا بيه ) أجبته بهزة رأسي واتجهت نحو الباص وما أن وطأت قدماي سلم الباص وجدت أمامي امرأه عجوز أعتقد أنها تجاوزت الثمانين من عمرها تبكي بحرقة وتقول (( حسبي الله ونعم الوكيل ربنا ينتقم منك وما تكسب أبدا")) فاشتد إنتباهي لها حتي جلست علي أول مقعد قابلني فإنتبهت هي لي وعلمت حينها أنها بداية يوم غير مبشربالمرة وقلت لها (( إهدي يا حاجة بتعيطي ليه علي الصبح كده قوليلي ممكن أساعدك )) فردت علي قائلة ((إلي ربنا ينتقم منه سرق منجيتي من سبتي الي صحياله من الفجر عشان أبيعه في السوق )) فقلت لها (( سرقها منك إزاي يا حاجة ما أنتي معاكي سبتك قدامك اهوه )) فردت مسرعة (( لا يا بني انا كان معايا سبتين وواحد منهم اتسرق يعوض عليا ربنا أصل أنا ركبت عربية من بلدنا الي ليها صندوق دي )) فقلت لها (( أيوا أعرفها )) فقالت ( أيواا أكملك حطيت السبتين في الصندوق بتاع العربية وقعدت فزعقلي السواق قلي سبت واحد معاكي والتاني تحطيه فوق صندوق العربية فقلتله ماشي يا ابني فأخده واحد من الركاب مني ورفعه فوق الصندوق ويا ريته يا بني ما رفعه )) فقطعت العجوز كلامها ببكاء شديد فقلت لها (( كملي يا حاجة وإهدي )) فقالت وهي تمسح وجهها من الدموع (( وبعد ما مشيت العربية وقفنا في كمين قول عشر دقايق ومشيت العربية وبعد ما وصلت المدينة الي فيها السوق نزلت ومعايا السبت وقلت لواحد من الي راكبين فوق الصندوق ناولني السبت يا بني الي جنبك وراح منزلي السبت يا بني بأيد وحده فستغربت فقلتله مش ده يا بني التاني مليان مانجا فقلي بقولك أيه حاجة مفيش غيره فوق وخلصينا بقي فمسكت في هدومه وقلتله يبقي أنت الي سرقت المانجا وديتها فين بقي مش هسيبك فشد ايدي وقلي شوفي أنتي رايحه فين يا بنت كذا وكذا مش ناقصك فنديت علي السواق وقلتله ان الراجل ده سرق المانجا بتعاتي فقلي ياحاجه أنا مليش دعوة بالقصص دي أنا سواق وبس وفقرب مني صبي من الركاب فقلي يا حاجه الراجل ده رمي المانجا بتعتك للعساكر والظباط الي كانوا واقفين في الكمين ده غير الي قعد ياكله طول السكة استعوضي ربنا ده حشاش وحرامي أنا عارفه ومش هتخدي منه لا حق ولا باطل فبصيت حولي لقيت الحرامي اختفي من قدام عينيا )) فبكت العجوز ثانية وإشتد غضبي وسألت نفسي أين ذهبت النخوه والشهامة ! فعادت المرأه بحديثها (( أنا يا ابني من بيت أصل وبعد العمر ده كله يجي واحد أد حفيدي ويسبني بأهلي )) فقلت لها (( معليشي يا حاجه ربنا يعوضك خير وياخد حقك )) فردت عليا قائلة (( ربنا يرضيك يا بني ويعوض عليا في السبت التاني بس مش مسمحاه أبدا )) وبعد أن أعلنت بائعة المانجا أنها لن تسامح سارق قوت يومها كان الباص قد إكتمل عدده وأنطلق السائق في طريقة إلي مدينة الزقازيق إلي أن وصل في ميعاده ونزلت أمامي بائعة المانجا وحملت سبتها المملوء بالمانجا والفارغ أسفله ووضعتهم علي رأسها ومشيت وهي تهمهم بكلمات لم أفهمها وسرت أنا في طريقي لإنهاء أوراقي وبعد يوم طويل من الطوابير والإرهاق لم أستطع ان أنجز من أوراقي شيء كعادتي مع الروتين فقررت أن أعود في يوم آخر مهما كان العناء لأنه ليس كعناء بـــــائعـــة المانــجا .......
إنــتهـــي
إنــتهـــي